يعد مفهوم الزراعة المستدامة ببساطة هو انتاج الغذاء أوالألياف أو النباتات الأخرى أو حتى المنتجات الحيوانية وذلك عن طريق التقنيات الزراعية التي تقي البيئة والصحة والعامة والمجتمعات البشرية من الأثار السلبية الناتجة عن القيام بتلك العملية بالشكل المعتاد إلي جانب التقنيات التي تراعي أيضاً الرفق بالحيوان، مثل هذا النوع من الزراعة يُمكّننا من انتاج أغذية صحية دون المساومة على قدرة الأجيال القادمة على القيام بهذا الأمر.
الزراعة المستدامة وأهدافها الميدانية:
- تلبية الاحتياجات الإنسانية من الغذاء والكساء.
- تحسين نوعية البيئة وقاعدة الموارد الطبيعية التي يعتمد عليها الاقتصاد الزراعي.
- تحقيق الاستخدام الأمثل لـ الطاقة غير المتجددة والموارد الموجودة في الحقول وتحقيق التكامل بين أساليب المكافحة الأحيائية والدورات الأحيائية الطبيعية، كلما أمكن.
- الحفاظ على قابلية اقتصاد الحقول للاستمرار.
- تحسين نوعية حياة المزارعين والمجتمع ككل.
الفوائد الأساسية للزراعة المستدامة
1 – الحفاظ على البيئة
تقوم المزارع المستدامة بإنتاج محاصيل زراعية وتربية حيوانات دون الإعتماد على المبيدات الحشرية الكيماوية السامة أو الأسمدة الأصطناعية أو البذور المُعدلة وراثيًا، أو حتى بعض الممارسات التي تضر بالتربة والمياة أو بعض المصادر الطبيعية. فزراعة أنواع متعددة من النباتات واستخدام بعض التقنيات كتبادل وتناوب المحاصيل المختلفة وعمليات الحرث والمراعي العشبية للحيوانات؛ ينتج عنها حماية التنوع الحيوي وتعزيز تنمية النظم الأيكلوجية الصحية والحفاظ عليها.
2 – الحفاظ على الصحة العامة
لا ينبغي بأي حال أن يأتي إنتاج الغذاء على حساب صحة الإنسان، وبما أن مزارع المحاصيل المستدامة تتجنب المبيدات الخطرة، فهي قادرة على إنتاج فاكهة وخضراوات آمنة على المستهلك والعامل وحتى المجتمعات المحلية المحيطة بتلك المزارع. وكذلك المزارع المستدامة للتربية الماشية بعيدًا عن الممارسات الخطيرة كاستخدام بعض المضادات الحيوية غير العلاجية أو منشطات النمو التي تحتوي على الزرنيخ كعامل أساسي. كما أن الإدارة الواعية والمسؤولة لمخلفات الماشية في المزارع المستدامة؛ تقي الإنسان من مسببات المرض والسموم والملوثات الخطيرة الإخرى.
3 – الحفاظ على المجتمعات الحيوية
من العناصر الهامة بالنسبة للزراعة المستدامة أنها مجدية إقتصاديًا؛ حيث توفر للمزارعين وعمال المزارع ومنتجي الأغذية وجميع العاملين في هذا النظام دخلًا آمنا ملائمًا للمعيشة كما توفر لهم ظروف عمل واسعة. كما تدعم تلك المزارع المستدامة الإقتصاد المحلي والإقليمي وتخلق فرص عمل جيدة وبناءة للمجتمعات القوية.
4 – الرفق بالحيوان
يتعامل المزارعون ومربو الماشية بالمزارع المستدامة مع الحيوانات بكل رعاية واهتمام مطبقين للممارسات التي من شأنها مراعاة صحة الحيوانات وراحتهم. فمن خلال إتاحة المراعي للحيوانات تمكنهم من التحرك بحرية تامة وممارسة السلوكيات الغريزية والتمتع بنظام غذائي طبيعي وذلك لتجنب الإجهاد والمرض الذي يسببه الحبس.
5 – الزراعة الصناعية
مع الأسف، فإن الأغذية المنتجة في الولايات المتحدة لم تعد تنتج من المزارع المستدامة، فخلال منتصف التسعينيات بدأت الولايات المتحدة في تصنيع الأغذية آليا واعتمدت بشكل متزايد على الأسمدة الصناعية والمبيدات الكيميائية. وبمرور الوقت أصبحت المزارع الكبيرة متخصصة ومركزية بشكل أكبر مما أدى إلى زيادة تمكنها والذي ساق العديد من المزارع الصغيرة للتوقف وأصبح السوق محكوما من قبل حفنة من الشركات القوية.
وعلى الرغم من انتاج الزراعة الصناعية حاليًا لكميات ضخمة من الأغذية منخفضة التكلفة؛ فهذا بسبب تطبيقها لبعض الممارسات المهددة للبيئة و لصحة الإنسان والمجتمعات الريفية والرفق بالحيوان.
6 – إنتاج المحاصيل الصناعية
يتم إنتاج المحاصيل الصناعية حاليا في مزارع ضخمة ذات المحصول الوحد والتي تعتمد بشكل كبير على المبيدات الكيميائية والأسمدة الصناعية والمحاصيل المعدلة وراثيًا، التي من شأنها تقليل جودة التربة والحد من التنوع البيولوجي. كما تسبب ملوثات الماء والهواء ضرر البيئة وتهديد صحة العاملين بالمزارع والمجاورين لها والمستهلكين أيضًا.
7 – الإنتاج الحيواني الصناعي
يتم إنتاج معظم اللحوم والبيض والمنتجات اليومية في منشآت صناعية ضخمة للماشية، التي تُعرف باسم “مزارع المصنع” أو “عمليات تغذية الحيوانات المركزة” مثل هذه المنشآت تحبس آلاف وأحيانا مئات الآلاف من الحيوانات في مكان ضيق دون وصول الهواء أو الخروج. بالإضافة إلى عدم مراعاة الرفق بالحيوان فإن هذه المنشآت تنتج كميات هائلة من المخلفات التي تلوث الهواء والماء والتربة وتؤدي إلى تدهور البيئة الطبيعية وتهدد الصحة العامة.
مستقبل الزراعة المستدامة
بالرغم من سيطرة الأغذية المصنعة على النظام الغذائي الأمريكي حاليا، إلا أن نسبة الوعي بما يسببه مثل هذا النظام في ازدياد وهناك دعم كبير للزراعة المستدامة وإقامة سوق كبيرة للمنتجات الزراعة المستدامة وطلب حاد للإصلاح التنظيمي للسياسة الزراعية.
السياسة الدولية
أصبحت الزراعة المستدامة موضوعًا محل اهتمام في محافل السياسة الدولية، خاصةً فيما يتعلق بإمكانية تقليل المخاطر المقترنة بتغير المناخ وزيادة عدد سكان العالم.
وكجزء من التوصيات التي تقدمت بها اللجنة المعنية بالزراعة المستدامة وتغير المناخ لواضعي السياسات حول تحقيق الأمن الغذائي في مواجهة تغير المناخ، حثت اللجنة على دمج الزراعة المستدامة في السياسة القومية والدولية على حدٍ سواء. وشددت اللجنة على أن زيادة تقلبات الطقس والصدمات المناخية ستؤثر سلبًا على إنتاجية المحاصيل الزراعية، مما يستوجب اتخاذ إجراء عاجل لدفع التغير في أنظمة الإنتاج الزراعي نحو زيادة درجة المرونة. كما دعت لزيادة الاستثمارات في الزراعة المستدامة بدرجة كبيرة خلال العقد القادم، بما في ذلك في ميزانيات البحث والتطوير القومي وإصلاح الأراضي والحوافز الاقتصادية وتحسين البنية التحتية